أقلام

مكملات الكالسيوم

غسان بوخمسين

الكالسيوم هو عنصر كيميائي ضروريٌّ للكائنات الحيّة، وهو المَعدن الأكثر وفرةً في الجسم ومهمٌّ جِدًّا للصّحة الجيّدة.
نحن بحاجةٍ إلى استهلاك كميّةٍ مُعيّنةٍ من الكالسيوم لبناء العِظام والحِفاظ عليها قويةً، وللحِفاظ على تواصل صحّي بين الدّماغ وأجزاء الجسم الأُخرى. ويُوجد الكالسيوم بشكلٍ طبيعي في العديد من الأطعمة، كما أنّه يُضاف أيضًا إلى بعض المُنتجات، ويُمكن الحُصول عليه عن طريق المُكمِّلات الغذائيّة.

في هذه المقالة سنكتفي بالحديث عن مكملات الكالسيوم المصنعة على هيئة دواء، وليس عن المصادر الغذائية للكالسيوم.

مكملات الكالسيوم هي أملاح الكالسيوم المستخدمة في الوقاية والعلاج من حالات مرضية معينة. نحتاج استخدام هذه المكملات، عندما لا يكون هناك ما يكفي من الكالسيوم في النظام الغذائي، أو وجود حالات مرضية تمنع الامتصاص، او في حالات زيادة الحاجة للكالسيوم مثل الحمل والرضاعة، أو حالات مرضية يختل فيها امتصاص وأيض الكالسيوم مثل مرضى الغدة الجار درقية (parathyroid gland) أو حالات مرضية يحتاج فيها المريض للكالسيوم للتخلص من الفسفور الزائد في الدم مثل مرض الفشل الكلوي.

تتحدث هذه المقالة عن مكملات الكالسيوم عن طريق الفم فقط، أما الأدوية عن طريق الحقن فهي خارجة عن غرض هذا المقال التوعوي.

أنواع المكملات

لا يتواجد الكالسيوم بمفرده في الطبيعة، بل يوجد في هيئة مركبات ، وهي مزيج من العناصر. تسمى “أملاح الكالسيوم”. ومن أكثر أملاح الكالسيوم شيوعًا كربونات الكالسيوم التي توجد في الصخور مثل الرخام والحجر الجيري.

تشمل الأشكال التي تؤخذ عن طريق الفم، خلات الكالسيوم (calcium acetate)، كربونات الكالسيوم (calcium carbonate)، سيترات الكالسيوم (calcium citrare)، غلوكونات الكالسيوم (calcium gluconate)، لاكتات الكالسيوم (calcium lactate) وفوسفات الكالسيوم (calcium phosphate).

امتصاص الكالسيوم من معظم المواد الغذائية والمكملات الغذائية التي يشيع استخدامها هي متقاربة نسبياً. وهذا يتعارض مع ما يدعيه العديد من مصنعي مكملات الكالسيوم في إعلاناتهم الترويجية.

هناك مسألة مهمة في امتصاص الكالسيوم من المكملات، هي: إذا كانت الجرعة المطلوب تناولها كبيرة 2-8 حبات في اليوم، لا ينبغي تناولها في جرعة واحدة بل ينبغي تقسيمها خلال اليوم من أجل امتصاص أفضل.

1/ كربونات الكالسيوم (calcium carbonate) هي مكملات الكالسيوم الأكثر شيوعًا والأقل تكلفة. وينبغي أن تؤخذ مع الطعام، ويعتمد على مستويات الحموضة منخفضة (الحمضية) (PH) لامتصاص جيد في الأمعاء.

2/ الكالسيوم المرجاني أو المحار أو عظام الحيوانات، هو ملح من الكالسيوم المستمدة من الشعاب المرجانية المتحجرة أو المحار، تسوق هذه المنتجات على أنها من مصادر طبيعية (natural sources). ويتكون الكالسيوم المرجانية من كربونات الكالسيوم والمعادن النادرة. وقد فقدت مصداقية الفوائد الصحية التي تعود على الكالسيوم المرجاني. الكالسيوم الموجود في هذه المنتجات هو على صيغة كالسيوم كاربونات.

توجد بعض المحاذير في هذه المنتجات ذلت المصدر البحري للكالسيوم، مثل الكالسيوم المرجاني أو المحار الذي يحتوي على نسبة من عنصر الرصاص السام قد تكون خطيرة على الصحة، خصوصًا مع الاستهلاك المرتفع والمزمن لهذه المكملات، وينبغي على مصنّع المكمل فحص المنتج والتأكد من نسبة الرصاص فيه، ووضع ذلك في بطاقة المكمل الغذائي، ولكن هذا الفحص اختياري وليس إجباري، إضافة إلى أن هذا الفحص مكلف، لذلك لا تلتزم به معظم الشركات. المحذور الآخر، هو الكالسيوم المستخرج من عظام الحيوانات ففيه إشكال شرعي للمسلمين كونه غير معلوم عن كونه مذكى، ولا يعتبر كذلك مناسبًا للنباتيين.

3/ فوسفات الكالسيوم سعره أغلى من كربونات الكالسيوم، ولكنه أقل من سيترات الكالسيوم. وهو الكالسيوم الأكثر توافرًا في منتجات الألبان.

4/ سترات الكالسيوم (calcium citrate)، ويمكن تناوله دون طعام، وهو جيد للأفراد الذين يعانون من نقص حمض المعدة، أو الذين يتناولون أدوية حموضة المعدة.

هذا النوع أغلى من كربونات الكالسيوم، ويجب أن تؤخذ كمية أكبر منه مقارنة بكربونات الكالسيوم للحصول على نفس الكمية من الكالسيوم، حيث أن 1 غرام من كربونات الكالسيوم يعطي 400 ملغ كالسيوم عنصري (elemental calcium) أما 1 غرام سترات الكالسيوم فتعطي فقط 210 ملغ.

5/ الكالسيوم النباتي، هذا الكالسيوم مصدره من النباتات. أملاح الكالسيوم الموجودة في النباتات هي نفسها الموجودة في الصخور، ولكن هناك أسباب تجعل النباتات مصدرًا مفضلًا للكالسيوم.

الكالسيوم من النبات (حسب دعاوى مصنعي هذه المكملات ومناصري هذا النوع من المكملات) مختلف. فهو معقد (complex) ومسامي التكوين (porous)، ويحتوي على مصفوفة معقدة من المعادن تشبه بنية قرص العسل الطبيعي. وهذا يدعم صحة العظام بشكل شامل، حيث يتوافر مع الكالسيوم والمغنيسيوم الغذائي الكامل حوالي 70 من المعادن النزرة الهامة (بما في ذلك السترونتيوم والسيليكا)، وهذا يعزز من امتصاص أفضل للكالسيوم مقارنة بالكالسيوم الصخري، وجود هذه العناصر المساعدة في الكالسيوم النباتي، يقلل من ترسيب الكالسيوم في الأنسجة الرخوة مثل الأوعية الدموية والقلب والكلى، حيث يترسب الكالسيوم الصخري في هذه الأنسجة نتيجة لافتقاره هذه العناصر والعوامل المساعدة على الامتصاص والتخزين في العظام. كذلك يدعي مناصرو الكالسيوم النباتي أنه يتجنب مشاكل الجهاز الهضمي الشائعة التي تصاحب الكالسيوم الصخري.

تجدر الملاحظة، أنه ينبغي التأكيد على أهمية فحص واختبار هذه الدعاوى، عبر إجراء دراسات علمية محكّمة من جهات رسمية موثوقة ومحايدة.

6/ خلات الكالسيوم (calcium acetate)، هذا المكمل لا يستخدم لتعويض الكالسيوم رغم أنه جيد في ذلك ولكن لارتفاع ثمنه، فأنه يستخدم لتخفيض مستوى الفسفور في الدم لمرضى الفشل الكلوي، لقدرته على الالتحام مع الفسفور ومنع امتصاصه من الطعام، وهو أكثر أملاح الكالسيوم كفاءة في هذا المجال.

*العوامل المؤثرة في امتصاص وأيض الكالسيوم*

ثمة عوامل عديدة تؤثر في امتصاص وأيض الكالسيوم منها:

1/ فيتامين (D)، حيث أكدت الدراسات أن هذا الفيتامين مهم جدًّا، لأنه يعمل على توليف البروتينات المعوية المسؤولة عن امتصاص الكالسيوم، وكذلك على ضمان تخزين الكالسيوم في العظم.

/2 هرمون الكالسيتونين (calcitonin) يفرز من الغدة الدرقية لينشط هذا الهرمون في حالة زيادة مستوى الكالسيوم، ويعمل على تقليل الكالسيوم بثلاث طرق هي:

*ترسيب الكالسيوم داخل العظام،
*تثبيط امتصاص الكالسيوم في الأمعاء.
*تثبيط إعادة امتصاص الكالسيوم في الكلية متيحًا بذلك طرح الكالسيوم مع البول.
3/ الهرمون الدريقي من الغدة الجاردرقية (parathormone) ينظم هذا الهرمون ويرفع مستويات الكالسيوم في الدم من خلال تأثيراته في الأمعاء والكلى والعظام. في العظم، يعزز الهرمون الدريقي من طرح الكالسيوم من مخازنه الكبيرة في العظام.

4/ نظام غذائي غني بحمض الفايتك (phytic acid) – يوجد في طبقة النخالة للحبوب الكاملة، ويربط حمض الفيتيك الكالسيوم والمعادن الأخرى، مما يجعلها غير قابلة للذوبان وغير قابلة للامتصاص في الأمعاء. ثم يخرج الكالسيوم من الجسم دون امتصاصه.

5/ المستويات العالية من الصوديوم – يمكن أن يتداخل الملح المفرط مع امتصاص الكالسيوم.

6/ استهلاك القهوة (والشاي) – يعمل الكافيين الموجود في القهوة والشاي وكذلك معظم المشروبات الغازية كمدر خفيف للبول، بحيث يتم إفراز الكالسيوم الثمين قبل أن يتمكن الجسم من الاستفادة منه. إن تناول هذه المشروبات بكميات صغيرة غير ضار نسبيًا، ولكن الاستخدام المفرط يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الامتصاص.

7/ التدخين – تظهر الدراسات التي أجريت على المدخنين انخفاضًا في كتلة العظام. السبب غير مفهوم جيدًا، ولكن يبدو أن التدخين يتعارض مع امتصاص الكالسيوم في الأمعاء.

8/ مرض الاضطرابات الهضمية (ciliac disease) – هذه الحالة الصحية هي مرض وراثي من أمراض المناعة الذاتية يتميز بعدم تحمل الغلوتين. يغير مرض الاضطرابات الهضمية بطانة الأمعاء ويؤثر في امتصاص الفيتامينات والمعادن التي تذوب في الدهون، مثل فيتامين (D) والكالسيوم، وينطبق هذا الأمر كذلك على مرضى جراحات السمنة، حيث يتأثر امتصاص الكالسيوم.

9/ عنصر الماغنسيوم، المغنيسيوم معدن يلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على صحة العظام. يساهم في زيادة كثافة العظام ويساعد على منع ظهور هشاشة العظام.

10/ فيتامين (K)، توجد بعض الدعاوى الطبية إلى أهمية فيتامين (K) خصوصًا فيتامين (K2 menaquinone)، ومن أهم وظائف الفيتامين [K] تنظيم ترسب الكالسيوم. بمعنى آخر، يعزز تكلس العظام ويمنع تكلس الأوعية الدموية والكلى.

اقترح بعض العلماء أن أدوار الفيتامينات [K1 و K2] مختلفة تمامًا، ويشعر الكثيرون أنه يجب تصنيفها على أنها مغذيات منفصلة تمامًا.

في الدراسات الخاضعة للرقابة على الأشخاص، لاحظ الباحثون أيضًا أن مكملات فيتامين (K2) تعمل بشكل عام على تحسين صحة العظام والقلب، في حين أن فيتامين (K1) ليس له فوائد كبيرة في هذا المجال. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات البشرية قبل أن يتم فهم الاختلافات الوظيفية بين الفيتامينات [K1 و K2] تمامًا

*الأدوية والمكملات التي تؤثر على امتصاص الكالسيوم*

ينبغي فصل تناول بعض الأدوية والمكملات مع الكالسيوم لمدة ساعتين تقريبا، حتى لا يتأثر الامتصاص، من أهمها: حبوب الحديد والثايروكسين (thyroxine) لعلاج خمول الغدة الدرقية ، والكورتيزون (Glucocorticoids) ومضادات التتراسايكلين (tetracycline ) والفلوروكوينولون (quinolone) وبعض أدوية الصرع مثل الفينوتوين (phenytoin) وأدوية هشاشة العظام مثل البيسفوسفينات (bisphosphonates).

في الختام، معدن الكالسيوم عنصر حيوي ومهم للجسم ولاغنى عنه للبقاء بصحة سليمة، وينبغي الاعتناء الكافي بتناوله من مصادره الغذائية المختلفة لضمان الحصول على المقدار الكافي منه، أما عند الحاجة لمكملات منه ينبغي أخذ النصيحة الطبية من الطبيب المعالج لضمان الاستفادة الصحيحة من تناوله وتجنب المشاكل الصحية في حالة سوء الاستخدام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى