أقلام

فن كتابة المقالة

سلمان العيد

أولًا: المقالة والفنون الأدبية:
ـ يعد المقال (أو المقالة) واحدًا من الفنون الأدبية (والصحافية) الكتابية المتعارف عليها، مثل الخبر، والتقرير، والتحقيق، والقصة القصيرة، والرواية. فالمقالة وسيلة من وسائل التعبير لخدمة هدف معين، يحمله الكاتب، كما هو الحال بالنسبة للفنون الأخرى.
ـ وما يجمع بين هذه الفنون:
1ـ أنها فعل عقلي يعتمد اللغة وسيلة للتأثير، بذلك هي تختلف عن الفنون التشكيلية أو الأعمال الدرامية التلفازية أو السينمائية
2 ـ أنها تجيب عن أسئلة معينة، تتفاوت بين فن وآخر، فالخبر ـ على سبيل المثال ـ يجيب على خمسة أسئلة (ماذا، لماذا، من، كيف، متى)، بينما التحقيق يجيب على سؤال (لماذا)، والمقالة قد تجيب على هذه الأسئلة كلّها، أو بعضها، وقد تكتفي بالإجابة على سؤال واحد منها.
3 ـ جميعها تبدأ بفكرة معينة وقد تنتهي بها، أو تنوّه لها
4 ـ كلّها ـ دون استثناء ـ تعتمد على الخبرة والمهارة والمعرفة والمقوّمات الذاتية، التي هي متطلبات الكتابة بشكل عام.
وما يفرّق بين هذه الفنون:
1ـ الحجم، وذلك حسب المعلومات المتوافرة.
2 ـ حضور شخصية الكاتب، فقد تغيب بنسبة 100% كما في الخبر، وقد تحضر بنسبة 100% كما هو الحال في المقالة (لذلك المقالة تعبر عن رأي صاحبها).

ثانيًا: المقالة (الشكل والمضمون):
ـ المقالات تختلف فيما بينها من ناحيتين: الأولى: المضمون، والثانية: الشكل، فالمضمون قد يأتي رياضيًّا، أو سياسيًّا، أو اقتصاديًّا، أو ثقافيًّا، او اجتماعيًّا.. والشكل قد يأتي تحليليًّا يعرض الفكرة ويفصّلها، وقد يأتي وصفيًّا فقط، وقد يأتي انطباعيًّا وقد يأتي ما يشبه القصة.
ـ المقالات تختلف حسب الهدف، فإذا كان الهدف تعريفي (علمي) فله طريقة معينة، وإذا كان إنسانيًّا فهو يأخذ منحى آخر، فالأسلوب العلمي يعتمد الجوانب المنطقية والاستدلالية والتحليلية، بخلاف المقالة الأدبية التي تعتمد التصاوير والخواطر الشخصية.
ـ مع كل هذه الاختلافات، التي تتداخل مع بعضها في المقالات، إلّا أنها جميعا ـ ودون استثناء ـ تسير وفق آلية معينة، تكاد تكون واحدة اتفق عليها أبرز معالمها:
1 ـ أنها تعتمد المبدأ الثلاثي (الإعداد، التنفيذ، المراجعة)، أي أن المقالة تمر بمرحلة إعداد لدى الكاتب يجمع أفكاره وينسقها ـ حسب الأهمية والأولوية ـ ثم يصبّها على الورق (أو الشاشة)، ثم يراجعها ويضيف ما يشاء، ويحذف ما يشاء.
2 ـ وخلال عملية التنفيذ يعتمد المبدأ الثلاثي أيضًا (المقدمة، اللب، الخاتمة)
3ـ وخلال عملية التنفيذ توجد طرائق عدة أشهرها وأبزرها وأهمّها:
ـ البدء بفكرة المقالة الرئيسة (في المقدمة، وأول فقرة من المقالة)، وشرحها (في اللب)، حسب الفقرات، والتأكيد عليها (في الخاتمة).
ـ البدء بفكرة من المقالة في المقدمة، ثم الانتقال للفكرة الأخرى، والثانية والثالثة (في المحتوى)، حتى الوصول إلى الفكرة الرئيسة (في الخاتمة).
ثالثًا: متطلبات كاتب المقالة:
ـ يتطلب من كاتب المقالة أن يستوعب الموضوع الذي يتحدث فيه، فلا يتصور أن ناقدًا أدبيًّا يتحدث عن قوانين الذرة والفضاء، إلا ما يخدم غرضه. فلا بد للكاتب أن يكون ذا ثقافة عامة، وعلاقات عامة،
ـ كما يتطلب إتقان لغة المقالة، التي تختلف عن لغات الفنون الأخرى سابقة الذكر، فلغة المقالة لا تخرج عن النسق الأدبي، ولكنّها لا تغرق ـ في الغالب ـ في الصور الفنية والتشبيهات والاستعارات، ولكنّها ـ أيضًا ـ لا تتجاوزها، فقد يقتضي اعتماد الصور الفنية في المقالة، لإيصال الفكرة
ـ لا بد أن يعرف كاتب المقالة جمهوره الذي يخاطبه، فلا ينبغي أن ينزل لمستوى من السوقية والعامية، في الوقت نفسه لا ينبغي أن يخرج اللغة عن موقعها ورزانتها، فالمقالة يقرؤها المثقف والأقل ثقافة ومعرفة.
ـ على كاتب المقالة أن تتوافر لديه كافة المهارات الكتابية المطلوبة من قبيل النحو والإملاء ونظم الكلام وإتقان علامات الترقيم،
وأخيرًا على كاتب المقالة أن يكون ذا صدر واسع، وأن يكون ذا شجاعة أدبية ويستوعب اختلافات وجهات النظر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى