أقلام

أفضل من أنبياء بني إسرائيل

صالح المرهون

فضل الله العلماء المؤمنين العاملين بما أتاهم الله من العلم على غيرهم بدرجات، ولا أحصر العلماء هنا بالمجتهدين فقط، بل حتى الفضلاء، فهؤلاء متى ماعملوا بما علموا ودعوا إليه وجاهدوا في الله كانوا أفضل من أنبياء بني أسرائيل. والمقصود بهذا المضمون

(علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل) وهذه الرواية القصد منها وتطبيقها على العلماء العاملين من علماء آل محمد، والمقصود هو العالم الداعية الذي يذهب لنشر الدين والفكر الديني والعقيدة في المجتمعات العطشى لذلك المفتقرة إلى الإرشاد، ولايشترط أن يكون مرجعًا أو عالمًا مجتهدًا

فيمكن أن يكون فاضلًا مقلدًا يأخذ من مرجع ويخرج للتبليغ في الأماكن المحتاجة، وليس ببعيد أن يكون بدوره هذا أفضل من مرجع ديني.
أما سبب تفضيلهم على الأنبياء فالأفضلية جاءت لأنه ليس مكلفًا من الإله كتكليف الأنبياء ويقوم أحيانًا بدوره دون أن يعطى الصون والحفظ، مع ما يتحمل من مشاق ومتاعب فهو غير مسدد تسديدًا كاملًا كالأنبياء، فهو بعلمه وإخلاصه وابتغائه ماعند الله لا المال والشهرة والسمعة والمكانة الاجتماعية وما شابه هو أفضل من أولئك الأنبياء، ومداد العلماء أفضل من دماء الشهيد كما في الرواية، ولكنها أيضًا ليست على إطلاقها، فرب شهيد أفضل من عالم، فإذا كان مداد العلماء في شيء لاينفع المجتمع كثيرًا فهو لا يتساوى مع دم شهيد خرج لإظهار كلمة الحق أو محو باطل، فدم الشهيد أفضل من مداد العلماء، على أن المراد بالشهيد هو الشهيد الناظر إلى مجرد شهادته، أي الشهادة بحد ذاتها، وهذه أيضًا ليست دائمة كما أشرت، فأحيانًا يفتي العالم أو يدلي بحكم أو كلمة ينتفع بها الناس وهم في حاجة لها، فيكون أفضل من شهيد من الشهداء المعتادين،

إذن أخرج من هذا كله بسلوك واجب الأتباع، هو احترام وتفضيل العالم الديني العامل بعلمه الرباني، وليس العالم غير العامل الذي شغله الشاغل نشر الفتن والتعدي على الغير، وتشكيل الأحزاب والأنانية، فالعلم العامل الرباني، فالله قد رفعه وفضله لتفضله على المجتمع، فاحترامه واجب، فمتى كان في المجتمع عالم أو فاضل يقوم بما أمره الله به من نشر العلم وخدمة المجتمع بإخلاص، لا ينبغي بذلك إلا وجه الله فعلى أفراد هذا المجتمع احترامه وتقديره وتقديمه، وهنا ملاحظة حول قوله تعالى:(يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير) والملاحظة حول كلمة درجات، الدرجات هنا لم تدرج في المقدار، أي هؤلاء العلماء يتدرجون في المقادير وإن كان هذا واردًا، ولكن النص يشير إلى أهم من ذلك، فالرفع هنا بدرجات نوعية، والتفضيل الاجتماعي والاحترام واجب بل يأمر به الدين كما قلت، ولكن هذه أبسط الدرجات، أما الدرجات الأهم فهي رفع إمكانية الاقتراب من الله وإمكانية خدمة المجتمع بصورة أكبر وأعظم، وهذه أهم بكثير بالنسبة لهؤلاء العلماء أو المتميزين في المجتمع،
فعلى العلماء يعملوا بما أتاهم الله من العلم حتى يكونوا فضلاء ولا ينبغي بذلك إلا وجه الله ليكون مابين المجتمع محترمًا ومفضلًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى