أقلام

كورونا .. وحرب الخليج  (الحلقة التاسعة)

رباب حسين النمر

ربما ضاع بين أشباهه الأربعين الذين تعمد أن يصنعهم ثم يختفي بألف طريقة وطريقة حتى يهرب من جرائمه والملاحقات الدولية التي طالته بعد أن تحول إلى ورقة صفراء باهتة لم تعد صالحة للعمل في ميدان السياسة، أو عملة بائسة هبط سعر صرفها، فلم تعد لها غير قيمة صفرية وأصبحت غير قابلة للتداول!

هكذا هم الأدوات، يتحولون إلى صدأ ينبغي التخلص منهم حينما يتآكلون ولا يقومون بمهماتهم كأدوات! ويصبحون مجرد قمامة ينبغي التخلص منها حتى لا تصدر الروائح الكريهة المزعجة المُمرضة.

2003م اختفى صدام عن الأنظار

وبدأ تاريخ ملاحقته الدولي فقد أصبح «الهدف رقم واحد الأعلى قيمة» لأنه يشكل خطرًا يهدد أمن المنطقة، لتنطلق إحدى أكبر عمليات البحث في التاريخ التي نفذتها فرقة العمليات 121 التابعة لقيادة العمليات الخاصة المشتركة، لتتكرر اثنتي عشرة محاولة فاشلة للعثور على صدام حسين تبعتها 300 عملية استجواب، لتسفر عملية الفجر الأحمر عن العثور على صدام مختبئًا كالفأر في حفرة في مزرعة بشمال مدينة الدور جنوب تكريت مسقط رأسه!

كاميرات التلفزة في العالم أجمع تتابع، اشرأبّت أعناقنا حول شاشات التلفزة تترقب تفاصيل الحدث ووصول عدسات المصورين والصحافيين إلى داخل الحفرة التي يقبع بها وحش منكوش الشعر واللحية، حيث نما الشعر على ملامحه أشهرًا كنمو الشياطين، وتم استخراجه والقبض عليه دون أية مقاومة.

ابتهج العالم بالقبض على أكبر مجرم في التاريخ المعاصر وكانت ردود أفعاله تضج بالبشرى وتطفح بالأمل.

أمام شاشة التلفاز كنت أتابع ردات الفعل العالمية، قال مذيع نشرة الأخبار تعليقًا على الحدث:

وفي المملكة العربية السعودية: صرح الأمير بندر بن سلطان سفير المملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة أن صدام حسين كان خطرًا على العالم العربي، وفي الصين: تمنّى المتحدث باسم وزارة الخارجية ليو جيانتشاو أن آخر تطوّر للموقف في العراق كان مؤاتيًا لكي يتخذ الشعب العراقي مصيره بأيديهم، ولإدراك السلام والاستقرار في العراق.

وجاء في تصريح للرئيس جاك شيراك أن «الرئيس سعيد جدًا باعتقال صدام حسين».

وقال وزير الخارجية الروسي إيغور إيفانوف، «نظن أن اعتقال صدام سيساهم في تقوية الأمن في العراق وفي عملية التنظيم السياسي في البلاد بمشاركة فاعلة مع الأمم المتحدة.» ووصف رئيس وزراء المملكة المتحدة توني بلير، أقوى حليف للرئيس بوش في حرب العراق، وصف القبض عليه بأنه خبر جيد للعراقيين، وقال، «يزيل الظل الذي كان يحوم حولهم لفترة طويلة حول كابوس عودة نظام صدام.»

وفي الفاتيكان: هاجم كبير مسؤولي كوريا، ريناتو مارتينو، شماس كاردينال ورئيس المجلس البابوي للعدالة والسلام، هاجم الطريقة التي كان يُعامل بها صدام حسين من خاطفيه، قائلًا إنه تم التعامل معه كالحيوانات. قال مارتينو إنه شعر بالشفقة عند مشاهدة فيديو «الرجل مُدمر والجيش ينظر إلى أسنانه كما لو أنه وحش.» الكاردينال، وهو ناقد رئيس للحرب التي قادتها الولايات المتحدة قال إنه كان يأمل ألا يجعل القبض عليه الأمور أسوأ.

وفي كندا: قام رئيس الوزراء بول مارتن بتهنئة القوات الأمريكية يوم الأحد وأرسل برقية تهنئة إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير. وقال إنّه كان واثقًا من أنّ الزعيم العراقي المخلوع سيُحاكم بعدل. “المهم هو أن يُحاكم أمام محكمة العدل التي تُعد ذات مصداقية ومعروفة عالميًا.

وقال الرئيس جورج دبليو بوش إن “صدام” سيواجه العدالة التي رفضها للملايين. بالنسبة للمعاقل البعثية المسلّحة المسؤولة عن العنف، لن يكون هناك عودة إلى السلطة والامتيازات الفاسدة التي كانوا يمتلكونها.” قال وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، «هذا رجل تم تصويره مئات المرات وهو يطلق النار من البنادق ويظهر مدى قوته، وفي الواقع، لم يكن قويًا جدًا، كان يختبئ في حفرة في الأرض، ويمتلك مسدسًا ولم يستخدمه قط، وبالطبع لم يقاوم أي قتال إطلاقًا. نتج عن ذلك موت الكثير من العراقيين بحسب التحليل الأخير، لم يبد شجاعًا جدًا.»

يتبع….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى